غالبًا ما يركز الناس فى عالمنا اليوم على تناول أطعمة صحية وتجنب الحميات الغذائية عالية الكوليسترول، ومع ذلك، ووفقًا للدكتور دميتري يارانوف، طبيب القلب، فإن أحد المكونات الشائعة في المشروبات والوجبات الخفيفة والصلصات والوجبات المعلبة، وحتى الأطعمة الصحية، قد يُلحق ضررًا خفيًا بالقلب، ألا وهو السكر الخفى، حسبما أفاد تقرير موقع “تايمز أوف إنديا”.
فبينما يُلام الكوليسترول منذ فترة طويلة على أمراض القلب والأوعية الدموية، يُسهم السكر فى الالتهابات وارتفاع ضغط الدم واضطرابات التحكم فى مستوى الجلوكوز والسمنة وتسارع الإصابة بأمراض القلب، حيث تُظهر الأبحاث أن تناول السكر باعتدال، حتى مع تناول كميات معتدلة، يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بغض النظر عن مستويات النشاط البدني أو وزن الجسم، لذلك يُعد فهم المخاطر الخفية للسكر وتعلم كيفية التحكم فى استهلاكه أمرًا ضروريًا للوقاية من أمراض القلب وداء السكري من النوع الثاني ودهون الكبد وغيرها من الاضطرابات الأيضية.
لماذا يعتبر السكر الزائد أكثر خطورة من الكوليسترول على القلب؟
بينما يُسهم الكوليسترول بشكل مباشر في تكوّن اللويحات في الشرايين، يُلحق السكر الضرر بالقلب عبر مسارات متعددة، ويُشير الدكتور يارانوف إلى أن تناول حصة واحدة من السكر يوميًا يُمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 18%، بينما يُؤدي تناول حصتين أو أكثر إلى رفع هذه النسبة إلى 21%، ويحدث هذا لأن السكر يُعزز الالتهاب الجهازي، مما يُضعف جدران الأوعية الدموية ويُحفز الإجهاد التأكسدي، كما أنه يرفع ضغط الدم، ويُسبب تغيرات ضارة في مستويات الدهون، ويُجهد البنكرياس.
بخلاف الكوليسترول، الذي يؤثر بشكل رئيسي على جدران الشرايين، يؤثر السكر على أجهزة متعددة، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى ممارسي الرياضة بانتظام ليسوا بمنأى عن هذه التأثيرات.
التأثير العالمي للسكر على صحة القلب والأوعية الدموية
تُظهر دراسات حديثة أُجريت عام 2025 العواقب العالمية للإفراط فى استهلاك السكر، ويرتبط تناول كميات كبيرة من السكر، وخاصةً من الأطعمة فائقة المعالجة، بما يلي..
ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 17%.
زيادة خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي بنسبة 23%.
ارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 9%
يرتبط السكر بأكثر من مليون حالة جديدة من أمراض القلب و2.2 مليون حالة جديدة من داء السكري من النوع الثاني سنويًا، وقد وجدت دراسة أجرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA) للطب الباطني أن الأفراد الذين يستهلكون 25% أو أكثر من السعرات الحرارية من السكر لديهم خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بأكثر من الضعف مقارنةً بمن يستهلكون أقل من 10%، وتُبرز هذه البيانات السكر كمشكلة صحية عامة عالميًا.
كيف يضر السكر بالقلب والتمثيل الغذائي؟
تتجاوز الآثار الضارة للسكر السعرات الحرارية وزيادة الوزن، إذ يؤثر مباشرةً على الجهاز القلبي الوعائي والتمثيل الغذائي من خلال عدة آليات:
الالتهاب.. يؤدي تناول السكر المزمن إلى تنشيط المسارات الالتهابية، مما يؤدي إلى إتلاف الأوعية الدموية وتسريع تصلب الشرايين.
ضغط الدم.. يؤدي السكر إلى حدوث تغيرات هرمونية تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من عبء عمل القلب.
اختلال توازن الكوليسترول.. يؤدي تناول كميات كبيرة من السكر إلى رفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) مع خفض مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يعزز تراكم اللويحات في الشرايين.
اختلال الجلوكوز.. يؤدي الإفراط في تناول السكر إلى مقاومة الأنسولين، مما يجبر البنكرياس على الإفراط في إنتاج الأنسولين، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
وتؤدي هذه التأثيرات مجتمعة إلى خلق عبء مزدوج على كل من القلب والبنكرياس، مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي على المدى الطويل.
الكمية الموصى بها من السكر لصحة القلب
تقدم جمعية القلب الأمريكية (AHA) إرشادات يومية حول تناول السكر لتقليل المخاطر:
النساء: ≤6 ملاعق صغيرة/يوم (~100 سعرة حرارية)
الرجال: ≤9 ملاعق صغيرة/يوم (~150 سعرة حرارية)
يُحذّر الدكتور يارانوف من أن معظم الناس يستهلكون ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذه الكميات دون وعي، وخاصةً من خلال المشروبات السكرية والأطعمة المصنعة والصلصات، لذلك فإن مراقبة ملصقات المنتجات، واستبدال الوجبات الخفيفة السكرية ببدائل طبيعية، والحد من تناول السكر المضاف، أمور بالغة الأهمية لحماية القلب وضبط مستويات السكر في الدم.