رغم ندرة الإصابات بهذا المرض، والتى لا تتجاوز نحو 200 شخص فقط على مستوى العالم، إلا أن مرض خلل تنسج البشرة الثؤلولي، والذي يطلق عليه اسم “متلازمة الرجل الشجرة”، ما زال يثير قلق الأطباء وعامة الناس نظرًا لعدم وجود علاج نهائي له حتى الآن، وبسبب التشوهات الجلدية الغريبة التي يسببها والتى تشبه لحاء الأشجار.

متلازمة الرجل الشجرة
ووفقا لجريدة دايلي ميل البريطانية يعاني المصابون بهذه المتلازمة من نمو جلدي كثيف يشبه الثآليل، يتكون نتيجة خلل وراثي في جهاز المناعة يجعل الجسم غير قادر على مقاومة فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو نفس الفيروس المسبب للثآليل العادية والثآليل التناسلية وبسبب هذا الضعف المناعي، تنتشر على أيدي وأرجل وأجساد المرضى كتل بنية متصلبة أشبه بأغصان الأشجار أو اللحاء.
ورغم إمكانية إزالة هذه النموات جراحيًا، إلا أنها غالبًا ما تعود للظهور بعد فترة قصيرة، ويصف الأطباء الحالة بأنها مؤلمة بصريًا وجسديًا في آن واحد، حيث لا يقتصر أثرها على المظهر الخارجي فحسب، بل تسبب كذلك آلامًا مبرحة وتحد من قدرة المرضى على الحركة واستخدام أيديهم.
الدكتور أنتوني يون، جراح التجميل من ولاية ميشيجان الأمريكية، أوضح أن هذه الحالة نادرة للغاية وتنتقل عادة عبر الوراثة من كلا الوالدين، وأكد أن ضعف المناعة لدى المصابين لا يجعلهم عرضة فقط لنمو هذه التشوهات، بل يزيد كذلك احتمالات إصابتهم بأمراض أخرى خطيرة، لافتًا إلى أن بعض هذه الأورام الجلدية قد تتحول إلى أورام سرطانية إذا لم يتم التعامل معها طبيًا.
أبو باجندر
ومن أبرز القصص التي هزت العالم حالة أبو باجندر، الرجل البنجلاديشي الذي خضع منذ عام 2016 لأكثر من 25 عملية جراحية لإزالة النموات الجلدية التي غطت يديه وقدميه بالكامل، ورغم نجاح بعض العمليات في تقليص التشوهات مؤقتًا، إلا أن حالته تدهورت لاحقًا حتى اضطر للتوسل إلى الأطباء من أجل بتر يديه والتخلص من الألم الذي لم يعد يحتمل.
وقال في تصريحات لوكالات الأنباء: “لم أعد أستطيع النوم ليلًا، الألم لا يطاق حتى إن بتروا يدي سأكون على الأقل حرًا من هذا العذاب”، وفي يناير الماضي، أُعيد إدخال أبو باجندر إلى المستشفى بعد أن ظهرت نموات جديدة وصل طول بعضها إلى عدة بوصات.
كما سجلت بنجلاديش حالة لطفلة تدعى موكتاموني، غطت التشوهات الجزء العلوي من جسدها، مسببة لها آلامًا لا توصف، وجعلت من يدها اليمنى عضوًا مشلولًا لا يمكنها استخدامه.

موكتاموني
ويقدر الأطباء أن عدد المصابين عالميًا يتراوح بين 12 إلى 200 شخص فقط، وهو ما يعكس ندرة هذه المتلازمة، لكن محدودية الأعداد لم تمنع من إثارتها للرأي العام عالميًا بسبب مظهرها الغريب الذي يجذب الانتباه.
كما أن المعاناة النفسية لا تقل قسوة عن المعاناة الجسدية لهذا المرض، إذ يواجه المرضى عزلة اجتماعية وشعورًا بالوصمة، ما يدفع الكثيرين منهم إلى الانسحاب من حياتهم الطبيعية وتجنب الاختلاط بالآخرين، ويشير الأطباء إلى أن الدعم النفسي والاجتماعي يعد عنصرًا أساسيًا في التخفيف من معاناة هؤلاء المرضى إلى جانب التدخلات الطبية.
ورغم أن متلازمة الرجل الشجرة لا تزال بلا علاج نهائي حتى الآن، فإن الأبحاث الطبية مستمرة لمحاولة إيجاد طرق أكثر فعالية للتعامل معها، سواء عبر العلاج المناعي أو عبر التدخلات الجينية المستقبلية. وحتى ذلك الحين، تظل الجراحة الوسيلة الرئيسية لتخفيف الأعراض، وإن كان شبح عودة المرض يلاحق المرضى باستمرار.
هذه القصص المأساوية تكشف حجم الألم الذي يعيشه المصابون بهذا الاضطراب النادر، وتؤكد في الوقت ذاته على أهمية الاستثمار في أبحاث الأمراض الجلدية النادرة، أملاً في أن يأتي يوم يجد فيه مرضى “الرجل الشجرة” علاجًا شافيًا ينهي معاناتهم إلى الأبد.