اخبار نيوز : شيماء منصور تكتب.. بين الفقد والجنون.. أحمد الرافعى مبدع يبحر في أعماق حكاية ديجافو

19 سبتمبر 2025 - 10:23 م

اخبار نيوز :
شيماء منصور تكتب.. بين الفقد والجنون.. أحمد الرافعى مبدع يبحر في أعماق حكاية ديجافو

اخبار نيوز : 
                                            شيماء منصور تكتب.. بين الفقد والجنون.. أحمد الرافعى مبدع يبحر في أعماق حكاية ديجافو
#شيماء #منصور #تكتب #بين #الفقد #والجنون #أحمد #الرافعى #مبدع #يبحر #في #أعماق #حكاية #ديجافو

ماذا تظن بأن تفعل إذا خطف الموت منك حب عمرك، وفي لحظة غفلة أخذ منك مصدر أمانك وسكينتك؟ ماذا تفعل أمام هذا الفقد القاسي الذي لا أمل فيه للرجعة مرة أخرى؟ هل ستجن؟ أم ستستسلم راضيا بقضاء الله وقدره، الحقيقة أن البشر يتفاوتون في إستقبال أقدارهم خاصة القاسية منها، ولكن بطل حكايتنا اليوم واجه قدره بشكل لا يمكن أن يصدقه أي عقل.

سيف الذي جسده ببراعة الفنان أحمد الرافعي خلال حكاية” ديجافو” بمسلسل ” ماتراه ليس كما يبدو” هو طبيب جراح، يعيش مع زوجته وحب عمره مسك” شيري عادل” وإبنته الصغيرة، حياة هادئة يغمرها الحب، وفي إحدى الأيام أثناء عودته من السفر بصحبة مسك، وقع حادث مروع، قلب حياته رأسا على عقب، حيث نجا سيف بفضل حرصه الدائم على إرتداء حزام الأمان، بينما رحلت مسك على الفور فهي لم تؤمن يوما بضرورة إرتدائها هذا الحزام الذي ربما كان من الممكن أن ينقذ حياتها.

فبعد أن استوعب سيف صدمة رحيل مسك، وقبل أن تصل عربة الإسعاف بدقائق، انطلق بسيارته مسرعا نحو منزله، يحمل بين يديه جثمان حبه الوحيد، وهناك استقبلته شقيقته هبة” هند عبد الحليم”  وقد بلغها الخبر المفجع، وكأي شخص عاقل أو ربما طبيعي حاولت مواساة أخيها ، واقترحت أن تتواصل مع خطيبها ليساعد في إنهاء إجراءات الدفن، لكن رد فعل سيف كان صادمًا، فقد رفض تماما  تسليم جثمان مسك، وأصر بعاطفة جارفة أن يحتفظ بها إلى جواره، وأن يدفنها في حديقة المنزل بعيدا عن أعين الجميع، وتوسل إلى شقيقته ألا تبوح لأحد بسر رحيلها، وبسبب محبتها له وخوفها على حالته، لم تجد هبة سوى الرضوخ لرغبته، رغم إدراكها أن ما يفعله خارج حدود المألوف والعقل.

ولكن ما حدث بعد ذلك تجاوز حدود الخيال، فـسيف، بحكم كونه طبيبا شارك من قبل في أبحاث عالمية حول تقنيات محو الذاكرة، كان يدرك أن لكل إنسان شبيها قد يطابقه بدرجة مدهشة، بل ربما يعيش معه في نفس مدينته، ومن هنا خطر فكرة جنونية، ماذا لو وجدت شبيه مسك وأعدتها للحياة معي مرة أخرى، ثم بدأ البحث عنها لتنفيذ خطته، وبالصدفة البحتة التقى بـ ليلى، تلك الفتاة التي تكاد ملامحها تتطابق مع مسك، استغل ضعفها وورطها بخداع محكم في جريمة قتل خطيبها، ليصبح هو وحده طوق نجاتها وسرها الدفين، وبعد أن تزوجها، أقنعها بأنها بحاجة إلى عملية تمحو من ذاكرتها واقعة القتل المروعة،  لكن ما خطط له سيف كان أبعد من ذلك بكثير إذ حاول أن يمحو ماضي ليلى بالكامل، ليزرع داخله ماضي وذكريات مسك، حتى تتحول ليلى إلى مسك الجديدة.

لكن كما يقال لم تأتي الرياح بما تشتهي السفن، إذ أثناء إجراء العملية لليلى حدث نزيف حاد أدخلها في غيبوبة طويلة استمرت تسعة أشهر، وحين أفاقت، وجدت نفسها قد فقد الذاكرة ،وحتى الذكريات المزروعة التي أراد سيف أن يحل محلها مسك، أصبحت صفحة بيضاء، إلا أن كل من حولها كان يؤكد لها أنها مسك، لتعيش في دوامة تمزق عقلها بين ما يقال لها وما تشعر به في أعماقها.

حتى انكشفت الحقيقة، وأدركت أنها ليست مسك بل ليلى، وحاول سيف إقناعها بأنه فعل كل ذلك ليحميها، ومع خوفها من مواجهة مصيرها في قضية القتل، رضخت ليلى وعادت لتجسد حياة مسك، بل ووافقت على خوض عملية أخرى تمحو كل ما تبقى من ذكرياتها الحقيقية.

غير أن الخطة واجهت عقبة كبرى وهو موسى “عمرو وهبة”،  صديق سيف وصديق مسك المقرب، الذي اكتشف الحقيقة كاملة، موسى رفض التستر، وقرر الإبلاغ عن جريمة سيف، بل أنهى خطبته من هبة، شقيقة سيف، عندها قرر سيف أن يقتل موسى، نعم قتله وكان على إستعداد أن يدمر أي شيء يقف في سبيل تنفيذ خطته. 

وفي مشهد صادم، وبعد أن ساعدت ليلى هبة على كشف خيوط الجريمة، أعترف بكل شيء؛ بأنه من ورط ليلى في قتل خطيبها، وأنه هو القاتل الحقيقي، وبأنه أزهق روح موسى،  بل ذهب أبعد من ذلك، وقرر أن  يخضاعهما معا لعملية تمحو ذكرياتهما ليبدآ حياة جديدة كأسرة واحدة “سعيدة” تحت جناحه، لكن النهاية جاءت أسرع مما تخيل،  فوالد ليلى لم يمنحه الفرصة، وضربه بقوة على رأسه ليسقط مغشيا  عليه، قبل أن تصل الشرطة، لتقبض عليه وتنهي رحلته المظلمة.

‏وخلال واحد من أكثر الأدوار تعقيدا، قدم الفنان أحمد الرافعي دور سيف ببراعة، حيث استطاع بسلاسة أن يجسد ذلك الإنحدار النفسي والإنساني لهذا الرجل، الذي أعتقد أن سببه الرئيسي هي تلك الأم التي كانت معاملتها قاسية له ولأخته، فوجد في مسك زوجته الأم والزوجة والحبيبة، ولكن قاده فقدها إلى هاوية الجنون، وأبدع الرافعي في رسم تلك الملامح بوضوح فمنذ اللحظة الأولى لصدمته برحيل مسك وقد مليء الشاشة بإنكسار نظراته وصوته، فجعل المشاهد يعيش الألم وكأنه فقد عزيزا، ولكنه بإنسيابية مبدعة كان يتحول من مرحلة الحزن لمرحلة الجنون بالهوس، دون أن يفقد القدرة على إقناع المتلقي بصدق دوافعه. 
أتذكر مشهده أمام جثة مسك محاولا إقناع أخته بضرورة إحتفاظه به فهو بدونها سيموت، بالرغم من أنه مشهد جنوني لا يصدقه شخص فكيف لنا أن نحتفظ بجثمان من نحب في حديقة منزلنا، لكنه أستطاع أن يجعلنا نبكي ونشعر بمشاعره الممزقة، وفي مشاهد المواجهة كان الرافعي بكامل طاقته الأدائية، حولت الجمهور م نحالة التعاطف إلى الإستنكار تارة والإشمئزاز تارة، وبأداءه المدهش رسخ الرافعي مكانته كأحد أكثر الممثلين قدرة على تجسيد الأدوار المركبة والصعبة، فنحن أمام ممثل لديه من الإمكانيات التي تجعله يقدم الكثير والكثير.
 

اخبار نيوز :
شيماء منصور تكتب.. بين الفقد والجنون.. أحمد الرافعى مبدع يبحر في أعماق حكاية ديجافو

,