شهدت مصر خلال العقد الأخير قفزة غير مسبوقة في معدلات الولادة القيصرية، لتتصدر دول العالم بنسبة تفوق بكثير المعدل الطبي المقبول عالميًا، والذي لا يُفترض أن يتجاوز 15%. هذا التزايد المفرط أصبح مثار قلق، لما يحمله من انعكاسات طويلة الأمد على صحة الأم والطفل.
بحسب منظمة الصحة العالمية، الهدف من العملية القيصرية هو إنقاذ حياة الأم أو الجنين عند الضرورة فقط، لكن الواقع يشير إلى تحوّلها في مصر إلى خيار شائع، يُستخدم أحيانًا بدافع الراحة أو الخوف، أكثر من ارتباطه بحالات الخطر الفعلي.
الولادة الطبيعية.. مسار صحي متكامل
الولادة الطبيعية تظل الخيار الأكثر أمانًا في معظم الظروف. هذا ما أكدته الدكتورة يسرية محمد استشاري النساء والتوليد قصر العينى، فهي تساعد الأم على التعافي السريع، وتقلل من فرص حدوث التهابات أو مشكلات مزمنة بعد الولادة. إضافةً إلى ذلك، يمر الطفل عبر قناة الولادة فيتعرض لبكتيريا نافعة تدعم جهازه المناعي، ما يمنحه حماية أولية ضد العدوى والحساسية.
متى تصبح القيصرية حتمية؟
رغم أن الولادة الطبيعية هي المسار الأمثل، فإن هناك ظروفًا تفرض التدخل الجراحي، مثل:
النزيف الغزير الذي يهدد حياة الأم.
ضيق الحوض الذي يمنع نزول الجنين.
أوضاع غير طبيعية للجنين كالمقعدي أو المستعرض.
تسمم الحمل وارتفاع الضغط الخطير.
انفصال أو خلل في المشيمة يعرض الطفل للخطر.
هذه الحالات تمثل الاستخدام “المنطقي” للقيصرية، بعيدًا عن الإفراط الذي يُلاحظ اليوم.
مضاعفات الإفراط في القيصرية
رغم أنها قد تنقذ حياة الأم والجنين عند الضرورة، فإن للقيصرية وجهًا آخر أكثر قسوة إذا استُخدمت دون مبرر:
مخاطر مرتبطة بالتخدير وفقدان الدم.
آلام مزمنة تؤخر عودة الأم إلى نشاطها الطبيعي.
صعوبة الولادة الطبيعية في المستقبل بسبب ضعف جدار الرحم.
احتمالية تأخر الرضاعة الطبيعية وما يتبعها من ضعف الترابط بين الأم والطفل.
مشكلات تنفسية للرضيع وزيادة قابلية الإصابة بالحساسية
وعي أفضل
العملية القيصرية ليست عدوًا، وليست رفاهية أيضًا. هي أداة طبية عظيمة حين تُستخدم في وقتها الصحيح، لكنها تتحول إلى عبء عند الإفراط فيها، فلابد من تعزيز وعي النساء بمخاطر القيصرية غير المبررة، مع التزام الأطباء بالمعايير الطبية الدقيقة.