اخبار نيوز : تريند تركيب الصور مع الراحلين بالـ AI.. متى يكون خطر على سلامتك نفسيًا؟

15 سبتمبر 2025 - 8:19 م

اخبار نيوز :
تريند تركيب الصور مع الراحلين بالـ AI.. متى يكون خطر على سلامتك نفسيًا؟

اخبار نيوز : 
                                            تريند تركيب الصور مع الراحلين بالـ AI.. متى يكون خطر على سلامتك نفسيًا؟
#تريند #تركيب #الصور #مع #الراحلين #بالـ #متى #يكون #خطر #على #سلامتك #نفسيا

في الأيام الأخيرة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي ظاهرة لافتة أثارت الكثير من الجدل والنقاش، تمثلت في تداول صور معدلة تجمع الأحياء بأحبائهم الراحلين فقد امتلأت الصفحات والمجموعات بصور شبان وفتيات وأطفال يضعون صورآبائهم أو أمهاتهم أو إخوتهم المتوفين إلى جانب صورهم الحالية، في محاولة لخلق لحظة افتراضية تعيد إليهم بعض الدفء الغائب.

هذا الترند، الذي حمل بين طياته مشاعر مختلطة ما بين الحنين والألم، فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول أسبابه النفسية، وتأثيره على مشاعر الأفراد الذين خاضوا تجربة الفقد وللإجابة عن هذه التساؤلات، تواصلت “اليوم السابع” مع الدكتورعبد العزيز آدم، أخصائي علم النفس، للوقوف على الدوافع العاطفية والنفسية التي قد تدفع الأشخاص للانخراط في مثل هذه الموجة ومتى يمثل تهديدًا لسلامتهم النفسية؟

يعمل على أغلى ما نملك ” الذاكرة الإنسانية وحرمة الموت”:

قال دكتور عبد العزيز آدم اخصائي علم النفس في حديثه لـ اليوم السابع: ظهرت  هذه الخاصية الرقمية على الساحة مؤخرًا  وتعبر ظاهرة جديدة مثيرة للجدل، تتمثل في إحياء صور وفيديوهات لأشخاص رحلوا عن عالمنا، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي البعض يعتقد أنه فعل شيء يدخل على قلبه السعادة والسرور، لكن هذا التريند الذي يروج له عبر منصات التواصل الاجتماعي لا يقتصر على كونه صيحة عابرة، بل يحمل في طياته انعكاسات نفسية واجتماعية وأخلاقية عميقة، تفرض علينا التوقف عنده بجدية والتفكير في مخاطره، لا سيما أنه يتعامل مع أقدس ما نملك” الذاكرة الإنسانية وحرمة الموت”.

بين الحنين الطبيعي والوهم الاصطناعي:

وتابع:” الحنين إلى الأحبة الذين غادرونا شعور إنساني أصيل لا يختلف عليه اثنان فمن الطبيعي أن يشتاق الإنسان لمن أحب، وأن يعود إلى صور تجمعه بهم، أو أن ينصت إلى تسجيلات صوتية تحفظ شيئًا من حضورهم هذه الممارسات تعتبر صحية، لأنها تمنح النفس مساحة للتذكر وتساعد على التكيف مع الغياب”.

لكن الخطورة تبدأ حين يتحول هذا الحنين الطبيعي إلى “إيهام بصري”، حيث يتم إنتاج لحظات لم تحدث أبدًا، وإعادة تشكيل الراحلين في صور متحركة تبدو وكأنها تنبض بالحياة هنا يختلط الواقعي بالافتراضي، ويصبح من الصعب على العقل البشري أن يضع حدودًا فاصلة بين ما هو حقيقي وما هو مُصطنع ومع تكرار التعرض لهذه المقاطع، يصبح العقل أسيرًا لوهم يعزز الإنكار ويعرقل القدرة على التقبل.

عرقلة مسار الحداد حين تتحول الرحلة إلى دائرة مغلقة:

ويقول:”من منظور علم النفس،الحداد عملية نفسية واجتماعية تمر بمراحل أساسية: الصدمة، الإنكار، الغضب، الحزن، ثم التقبل هذه المراحل ليست رفاهية، بل ضرورة نفسية تتيح للإنسان أن يتكيف تدريجيًا مع فكرة الفقد وأن يعيد بناء توازنه الداخلي غير أن إدخال صور أو فيديوهات زائفة للراحلين يعيد الإنسان مرارًا إلى المربع الأول: الإنكار فبدل مواجهة الحقيقة المؤلمة والاعتراف بالرحيل، يجد نفسه يستمد جرعات مؤقتة من الحضور المزيف هذه الجرعات لا تعالج الجرح بل تخدره لحظيًا، لتعود آلامه أشد وأقسى مع كل مقطع جديد وكأن الفرد يدخل دائرة مغلقة من الحزن المستمر، حيث لا بداية للشفاء ولا نهاية للوجع.

العبث بالذاكرة العاطفية وتشويهها:

ويوضح:” الذاكرة الإنسانية ليست مجرد أرشيف صامت، بل هي مزيج حي من صور وأصوات ومشاعر وتجارب عاشها الفرد بالفعل عندما نسمح للذكاء الاصطناعي أن يخلق صورًا جديدة أو مقاطع لم تحدث أصلًا، فإننا ندخل إلى هذا النسيج مكونات دخيلة تُشوّه أصالته.
مع مرور الوقت، يبدأ الخط الفاصل بين ما عايشناه حقًا وما تم اصطناعه رقميًا في التلاشي النتيجة أن الذكريات الحقيقية تتلوث بالأوهام، ويصير من الصعب الاحتفاظ بصورة نقية للراحلين بدلًا من أن تبقى الذكرى ملاذًا للراحة والسكينة، تتحول إلى مصدر ارتباك نفسي وتشويش عاطفي، يزيد من الألم بدلًا من أن يخففه.

أبعاد أخلاقية واجتماعية حرمة الموت وخصوصية الفقد:

بعيدًا عن الجانب النفسي، يطرح هذا التريند أسئلة أخلاقية ملحة:إن الوفاء للأموات لا يكون باختلاق لحظات لم يعيشوها، بل بالحفاظ على صورتهم الحقيقية في الذاكرة، والحديث عن أخلاقهم، ونقل مآثرهم، والدعاء لهم بالرحمة. أما استعراض صور مُزيفة على منصات التواصل الاجتماعي فغالبًا ما يخدم رغبة لحظية في جذب الانتباه أكثر مما يخدم معنى الوفاء ذاته.

الوفاء الحقيقي ما يبقى بعد الرحيل: 

الحزن على الفقد امتحان صعب، لكنه في الوقت نفسه مدرسة لتعلم الصبر والتسليم التكنولوجيا، مهما بلغت من تطور، لا تستطيع أن تمنحنا ما نفتقده حقًا، بل تزرع فينا وهمًا يضاعف الوجع الوفاء الحقيقي يكمن في استحضار القيم التي غرسها الراحلون فينا، والسير على خطاهم، والحفاظ على نقاء ذكراهم.

إن استدعاء الأموات عبر شاشات الهواتف ليس سوى طريق قصير إلى متاهة طويلة من الألم النفسي والارتباك العاطفي أما الطريق الأصيل فهو مواجهة الفقد بشجاعة، وترك مساحة للذاكرة كي تعيش كما هي: نقية، صادقة، بلا تزييف ولا إضافات.

الراحل ابراهيم يسري
ابن الفنان الراحل ابراهيم يسري يشارك في التريند 

 

اخبار نيوز :
تريند تركيب الصور مع الراحلين بالـ AI.. متى يكون خطر على سلامتك نفسيًا؟

,