يجرى باحثون في مركز هولينجز للسرطان بجامعة ميسيسيبي، دراسة على دواء جديد لمكافحة سرطانات الرأس والرقبة، والذى يعمل على مهاجمة الخلايا السرطانية من الداخل عن طريق إتلاف الميتوكوندريا، وهي مصانع الطاقة في الخلايا.
وبحسب موقع “News medical life science”، نقلا عن مجلة Cancer Research ، يسعى فريق البحث متعدد التخصصات إلى كبح نمو الورم في سرطان الخلايا الحرشفية في الرأس والرقبة، وهو سرطان يتطور في الخلايا المبطنة للرأس والرقبة، مثل الأنف والفم والحلق.
ويعد هذا النوع من السرطان شديد العدوانية ومقاوم للعلاج، ويشهد عدد كبير من المرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية التقليدية عودة السرطان مرة أخرى.
تفاصيل الدراسة
وللتغلب على هذه المشكلات، طوّر الباحثون واختبروا مركبًا جديدًا يُسمى”LCL768 ” وهو شكل صناعي من السيراميد، عبارة عن جزيء دهني موجود طبيعيًا في الخلايا.
السيراميدات مهمة لوظائف الخلايا السليمة، وقد ثبت أنها تُحفز موت الخلايا تحت الضغط، و العديد من سرطانات الرأس والرقبة تعاني من نقص في هذه الدهون المفيدة، مما يُؤدي إلى نتائج أسوأ لدى المرضى ويساهم في النمو السريع للأورام.
وتعتمد فعالية الدواء على قدرته على زيادة مستويات سيراميد محدد، يُسمى سيراميد، C18 داخل ميتوكوندريا الخلايا السرطانية، وعند ارتفاع مستويات C18، تُطلق عملية تُسمى “التهام الميتوكوندريا”، حيث تزيل الخلايا الميتوكوندريا التالفة أو غير الضرورية، بينما يعتمد نمو الخلايا السرطانية بشكل كبير على الميتوكوندريا، وعند تدميرها، تنفد طاقة الخلايا السرطانية وتموت.
ويقطع LCL768 بشكل أساسي إمداد الخلايا السرطانية بالطاقة، و بمجرد اختفاء الميتوكوندريا، تفقد الخلايا قدرتها على النمو أو البقاء.
نتائج الدراسة
اختبر الفريق البحثى LCL768 على نماذج فئران مصابة بسرطان الرأس والرقبة، وأورام مُنمّاة في المختبر من أنسجة مرضى حقيقية، وفي كلتا الحالتين، أدى الدواء إلى زيادة ملحوظة في سيراميد C18 في الميتوكوندريا.
بعد العلاج، أظهرت الخلايا السرطانية علامات واضحة على الالتهام الذاتي للمايتوفاجيا وانهيار أيضي، مما أدى إلى تباطؤ نمو الورم، ودعمًا لهذه النتيجة، أدى تزويد الخلايا بالفومارات إلى عكس التأثيرات المثبطة لـ LCL768 بشكل شبه كامل، مما أدى إلى نمو الأورام بسرعة.
يُسلّط الباحثون الضوء على LCL768 كطريقة جديدة مُحتملة لاستهداف نقطة ضعف في سرطانات الرأس والرقبة، وما يُميّز هذه الطريقة هو كفاءتها، إذ يُنتج LCL768 السيراميد القاتل للأورام، ويُعطّل جزءًا أساسيًا من عملية أيض الخلايا السرطانية. والأهم من ذلك، أن تأثير الدواء ضئيل على الأنسجة السليمة، مما يُشير إلى أنه قد يُوفّر بديلاً أكثر أمانًا للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
وقد يؤدي هذا الاستهداف الدقيق إلى آثار جانبية أقل من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، اللذين غالبًا ما يُلحقان الضرر بالخلايا السليمة والخلايا السرطانية على حد سواء، بينما يركز الدواء الجديد على عملية تستخدمها الخلايا السرطانية لتجنب موت الخلايا الطبيعي. ولأن الخلايا السليمة لا تعتمد بشكل كبير على هذه المسارات، فإنها تبقى في معظمها سليمة”.
على الرغم من أن LCL768 لا يزال في مرحلة التجارب السريرية، أي أنه لم يُستخدم بعد مع المرضى، إلا أن النتائج الأولية واعدة، ويعمل الفريق الآن على تطوير LCL768 نحو التجارب السريرية، على أمل أن يُقدم هذا النهج الجديد يومًا ما شريان حياة لمرضى السرطان الذين يصعب علاجهم.