لم يعد تأثير النوبة القلبية مقتصراً على القلب والأوعية الدموية فحسب، إذ تكشف دراسات طبية حديثة عن وجود صلة وثيقة بين صحة القلب وسلامة البصر، ويشير الأطباء إلى أن المصابين بالنوبات القلبية يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بمشاكل في الرؤية، قد تصل في بعض الحالات إلى العمى الجزئي أو الدائم، ما يجعل العناية بصحة العين جزءاً لا يتجزأ من رعاية مرضى القلب، وفقا لموقع تايمز ناو.
كيف يؤثر القلب على العين؟
يقول خبراء الصحة إن انخفاض تدفق الدم وتلف الأوعية الدموية الناتج عن أمراض القلب يمكن أن ينعكس بشكل مباشر على العينين. فالعين، مثلها مثل أي عضو آخر في الجسم، تعتمد على شبكة دقيقة من الأوعية الدموية لإمدادها بالأكسجين والمواد المغذية. وعندما يضعف تدفق الدم بسبب تصلب الشرايين أو ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع الكوليسترول، فإن شبكية العين تصبح معرضة لمضاعفات خطيرة مثل عدم وضوح الرؤية أو فقدانها بشكل مفاجئ.
ويرى الأطباء أن فحص العين قد يكشف أحياناً عن مؤشرات مبكرة لأمراض القلب قبل ظهور أعراضها الواضحة، إذ يمكن لطبيب العيون أن يلاحظ علامات انسداد الأوعية أو النزيف الدقيق في الشبكية، وهو ما يعد إنذاراً مبكراً لمشاكل قلبية خطيرة مثل الجلطات أو النوبات القلبية.
أمراض العين المرتبطة بمشاكل القلب
ترتبط مجموعة من أمراض العين بأمراض القلب والأوعية الدموية، من أبرزها:
ـ انسداد الشرايين الشبكية: يحدث عندما يتوقف تدفق الدم بسبب انسداد الشرايين الدقيقة المغذية للشبكية.
ـ انسداد الوريد الشبكي: يشبه السكتة الدماغية لكنه يصيب العين، وغالباً ما يكون مرتبطاً بارتفاع ضغط الدم.
ـ فقدان البصر العابر: حالة مؤقتة من انقطاع الرؤية قد تستمر لثوانٍ أو دقائق، وتعد مؤشراً خطيراً على مشاكل في القلب والأوعية.
ـ اعتلال العصب البصري: يحدث بسبب ارتفاع ضغط الدم وتلف الألياف العصبية، ما يؤدي إلى ضعف أو فقدان الإمداد الدموي للعين.
ـ الضمور البقعي المرتبط بالعمر: وهو مرض يؤدي تدريجياً إلى فقدان الرؤية المركزية، وترتبط احتمالات الإصابة به بمشاكل القلب المزمنة.
عوامل الخطر المشتركة
تتداخل عدة عوامل في زيادة مخاطر تدهور صحة القلب والعين معاً، أبرزها:
ـ ارتفاع ضغط الدم: يؤدي إلى تلف جدران الشرايين وفقدان مرونتها، وهو ما ينعكس على كل من القلب والعين.
ـ ارتفاع الكوليسترول: قد يسبب انسداد الأوعية الدموية الدقيقة في الشبكية.
ـ مرض السكري: يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب ويضاعف خطر اعتلال الشبكية.
ـ التدخين: عامل رئيسي يسرع من تدهور صحة الأوعية الدموية في الجسم كله.
نصائح للوقاية والحفاظ على صحة القلب والبصر
يشدد الأطباء على أن حماية البصر تبدأ من حماية القلب، وأن الوقاية تتطلب أسلوب حياة متوازن يشمل:
ـ الإقلاع عن التدخين فوراً.
ـ ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي أو السباحة أو التمارين البسيطة.
ـ اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضراوات والفواكه وقليل الدهون الضارة.
ـ الحفاظ على وزن صحي لتقليل الضغط على القلب والأوعية.
ـ الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد يتراوح بين ثماني إلى تسع ساعات يومياً.
ـ تقليل مستويات التوتر النفسي عبر ممارسة التأمل أو الهوايات المريحة.
إجراء فحوصات دورية للقلب والعين لمتابعة أي مؤشرات مبكرة على تدهور الصحة.
تكشف هذه الدراسات الحديثة أن القلب والعين أكثر ارتباطاً مما يظنه الكثيرون، وأن تجاهل العناية بأحدهما قد يؤدي إلى فقدان الآخر.
إن الحفاظ على صحة القلب لا يحمي فقط من النوبات القلبية والسكتات الدماغية، بل قد يكون أيضاً درعاً يحمي من العمى ومشاكل الرؤية التي تهدد جودة الحياة. لذلك فإن دمج فحص العين ضمن الرعاية الروتينية لمرضى القلب لم يعد رفاهية، بل ضرورة طبية عاجلة لضمان سلامة البصر مع سلامة القلب.