اخبار نيوز : التحريات عن العروسين بين العادات الاجتماعية والدين.. كيف يمكنها إنقاذ أسرة؟

2 سبتمبر 2025 - 8:06 م

اخبار نيوز :
التحريات عن العروسين بين العادات الاجتماعية والدين.. كيف يمكنها إنقاذ أسرة؟

اخبار نيوز : 
                                            التحريات عن العروسين بين العادات الاجتماعية والدين.. كيف يمكنها إنقاذ أسرة؟
#التحريات #عن #العروسين #بين #العادات #الاجتماعية #والدين #كيف #يمكنها #إنقاذ #أسرة

الزواج ليس مجرد ارتباط عاطفى، بل مشروع حياة يحتاج إلى أسس متينة من الثقة والمعرفة، ومع تراجع التحرى التقليدى وانتشار العلاقات عبر الإنترنت، بات السؤال عن العريس أو العروس خطوة جوهرية لضمان التوافق، وحماية الأسرة من صدمات خفية قد تهدد استقرارها منذ البداية.

تقول د.إيمان عبدالله استشارى العلاقات الأسرية لـ”اليوم السابع” إن التحريات عن العريس أو العروس قبل إتمام الزواج ليس مجرد عادة اجتماعية موروثة، بل هو أداة أساسية لضمان التوافق وحماية الأسرة من صدامات محتملة. فالأمر يتجاوز التعرف على الشخص نفسه، ليشمل خلفيته العائلية، ومستواه المادى، ونوع عمله، وثقافة أسرته، وأسلوب حياتهم، إذ أن اختلاف القيم والمستويات المعيشية قد يؤدى إلى فجوات عميقة تظهر بعد الزواج.

وتضيف استشاري العلاقات الأسرية هناك دراسة أعدتها الجمعية المصرية للتنمية الأسرية أظهرت أن 52% من الأهالى توقفوا عن التحرى التقليدى بدعوى أن الأمر تدخل أو تطفل، لكنهم اكتشفوا بعد الزواج ظهور مشكلات كان من الممكن كشفها مسبقًا، كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن 68% من حالات الطلاق المبكر سببها غياب التحرى الكافى عن سمات الشخصية والسلوك.

فتاة تحري
فتاة تحري

عالم أزهرى: التحرى عن العريس أمانة وواجب

فيما يقول الشيخ أحمد المالكى، أحد علماء الأزهر الشريف لـ”اليوم السابع” إن التحرى عن العريس أو العروسة قبل الزواج من القواعد الشرعية والعقلية الراسخة التى دعا إليها الإسلام وحث عليها، إدراكًا لخطورة الزواج باعتباره “ميثاقًا غليظًا” له أثر بالغ فى حياة الفرد دينيًا ونفسيًا واجتماعيًا، فالزواج فى المنظور الإسلامى ليس صفقة عابرة أو قرارًا عاطفيًا لحظيًا، بل هو مشروع حياة يتطلب أسسًا متينة من المعرفة والصدق والأمانة.

ومن هنا، فإن التحقق من حال الطرف الآخر قبل الارتباط لا يعد من باب التجسس أو التطفل، وإنما من باب الاحتياط المشروع والتثبت الواجب.

ويضيف الشيخ أحمد المالكى: حين يستشار أحد بشأن شخص مقبل على الزواج، فإن الأمانة فى الشهادة والإخبار تفرض عليه مسؤولية عظيمة أمام الله، إذ يصبح فى موضع الشاهد الذى أمره الله تعالى بعدم كتمان الحق بقوله: “وَلَا تَكْتموا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتمْهَا فَإِنَّه آثِمٌ قَلْبه” [البقرة: 283].

كما قال النبى ﷺ: “المستشار مؤتمن”، أى أن على من يطلب رأيه أن يكون صادقًا أمينًا، لا يخفى ما يعلم، ولا يضيف ما لا يعلم، ولا يخشى فى الله لومة لائم، مع الالتزام بالعدل والرحمة، وهنا تكمن المعادلة الدقيقة فى قول الحق كما هو، بلا تهويل أو تزييف، وبقدر ما يخدم اتخاذ القرار، مع الحفاظ على الكرامة وحسن النية.

الفرق بين النصح والتشهير في تحريات الزواج 

وعن الفارق بين النصح والتشهير عند السؤال عن الخاطب أو المخطوبة يضيف الشيخ المالكى: يظن البعض أن قول الحقيقة مطلقًا هو الخير كله، لكن الإسلام يعلم أن النية والوسيلة لا تقلان أهمية عن المعلومة ذاتها؛ فهناك فرق بين أن تقول: “هو شاب محترم لكنه معروف بعدم الالتزام بالصلاة”، وبين أن تقول: “لا يوجد فى وجهه رحمة ولا يؤمَن له”، فكلا القولين يشير إلى نفس العيب، لكن الأول نصيحة بأدب، والثانى تجريح وتشهير.

وقد لخص العلماء هذا المبدأ بقولهم: “يجوز ذكر العيوب للتحذير عند المشاورة، بشرط أن يكون بنية النصح لا التشهير”، فالغاية حماية الطرف الآخر، لا فضح الناس أو تصفية الحسابات.

 

كتالوج الكشف الكامل على العريس

وعن خطوات التحرى عن العريس تقول د.إيمان عبدالله استشارى العلاقات الأسرية: السؤال لا يقتصر على الجانب الاجتماعى فقط، بل يشمل أبعادًا نفسية وأخلاقية، فيجب أن يكشف عن التاريخ الشخصي، والعلاقات السابقة، والمشاكل الأخلاقية أو القانونية، أو الأزمات المرتبطة بالعمل، كما أن معرفة مدى تدخل أهل العريس أو العروس فى حياتهما، أو طبيعة العلاقة بينهم، تعد مؤشرات حاسمة على مدى الانسجام المتوقع بين العائلتين.

تضيف استشاري العلاقات الأسرية: لكل عائلة ثقافتها ونظرتها للزواج، لذا فإن السؤال عن الطرف الآخر هو أيضًا بحث عن توافق فى الرؤى والمواقف، لضمان نجاح “المصاهرة” التى تمثل جوهر الزواج فى مجتمعاتنا. والتحرى يشمل كذلك الأبعاد الصحية والنفسية، مثل وجود أمراض وراثية أو مشكلات سلوكية كالإدمان. فالزواج، فى النهاية، هو شراكة طويلة المدى، وأى خلل فى التوافق بين العائلتين قد ينعكس سلبًا على استقرار الحياة الزوجية.

فتاة تتقصى عن شخص
فتاة تتقصى عن شخص

ثم تلفت إلى أهمية التحرى عن العريس “واقعيًا” فى زمن الإنترنت، فتقول إننا فى الوقت الحالى فقدنا كثيرًا من مظاهر الاندماج المجتمعى التى كانت سائدة فى الماضى، مثل تبادل الزيارات فى الأعياد، والمشاركة فى الأفراح والأحزان، وحضور المناسبات الاجتماعية، ما جعل العلاقات المباشرة بين الناس أقل وأضعف.

هذا التباعد الاجتماعى أفسح المجال أمام ما يمكن تسميته بـالاحتكاك الرقمى”، حيث يتعرف الناس على بعضهم عبر المنصات الإلكترونية، ويتبادلون الصور والرسائل، وربما يطورون مشاعر وعلاقات، دون أن يلتقوا وجهًا لوجه أو يختبروا بعضهم فى مواقف حقيقية.

المشكلة أن الإنترنت يتيح لأى شخص أن يصنع لنفسه صورة مثالية أو وهمية، يظهر فيها الجانب الذى يريد إبرازه فقط، بينما يظل الجانب الخفى مجهولًا، وقد يكون مليئًا بالتناقضات أو السلوكيات السلبية.

تتابع الاستشاري الأسري: هناك حالات عديدة يرتبط فيها شخصان عبر الإنترنت لسنوات دون لقاء، ثم يتحدثان عن الزواج، وهو مؤشر خطر، لأن هذه العلاقة لم تبنَ على معرفة واقعية، بل على تصورات وافتراضات.

قد يبدو أحد الطرفين متدينًا ولبقًا ومرحًا على مواقع التواصل، لكن فى الواقع قد يكون عصبى المزاج، أو نرجسيًّا، أو يخفى ماضيًا غير مشرف، أو يتصرف بطريقة مؤذية.

بالتالى فإن السؤال عن العريس أو العروس من مصادر موثوقة يظل وسيلة لجمع صورة كاملة عن شخصيتهما وسلوكهما، وهو أمر أكثر أهمية اليوم فى ظل تفكك الروابط الاجتماعية. فمعظم الناس لم يعودوا يعرفون جيرانهم عن قرب، بل قد يعيش الشخص فى بناية تضم عشرات الأسر ولا يعرف سوى اثنين أو ثلاثة منهم، بينما كانت الأحياء فى الماضى بمثابة أسرة كبيرة يعرف الجميع فيها بعضهم البعض.

اخبار نيوز :
التحريات عن العروسين بين العادات الاجتماعية والدين.. كيف يمكنها إنقاذ أسرة؟

,