في إنجاز جديد، تمكن باحثون في جامعة مدينة نيويورك، من تحديد مسار واعد لتطوير مضاد للفيروسات يمكن استخدامه لمحاربة مجموعة واسعة من الفيروسات القاتلة، وذلك وفقا لما ذكرته مجلة Newsweek.
وقال آدم براونشفايج، معد الدراسة وأستاذ علوم النانو، لمجلة نيوزويك: “حاليًا، إذا حدث تفشى فيروسي جديد من فيروس جديد (أو بعض الفيروسات القديمة مثل الحصبة أو الأنفلونزا)، فغالبًا ما لا نمتلك لقاحات أو مضادات فيروسية فعالة ضد تلك الأمراض، لذا يمكن أن يحدث وباء مميت، حتى لو أمكن تطوير لقاحات وأجسام مضادة جديدة، فإن هذا قد يستغرق شهورًا أو سنوات، وخلال ذلك الوقت تنتشر العواقب السيئة للمرض.
استهداف التهديد الفيروسي..
بخلاف العدوى البكتيرية – التي يمكن للأطباء البدء بعلاجها فورًا بالمضادات الحيوية واسعة الطيف (إن وجدت) أثناء عملهم على تحديد نوع البكتيريا – تُعالج العدوى الفيروسية بمضادات الفيروسات، لكن هذه الأدوية تستهدف نطاقًا ضيقًا، وهي فعالة ضد مجموعة صغيرة فقط من الفيروسات ذات الصلة.
وقال براونشفايج، “إنه يمكن احتواء العدوى البكتيرية الخطيرة لأن هناك إجراءات يمكن اتخاذها في وقت مبكر من مسار المرض وبالتالي منع المصابين من التحول إلى مرضى”.
لا يوجد مثل هذا التدخل المبكر للفيروسات التي يمكن أن تسبب الوباء التالي، وفي الواقع، بالنسبة للعديد من الفيروسات الخطيرة للغاية المتوطنة في مناطق العالم – حمى الضنك، والحصبة، وزيكا، وما إلى ذلك – لا توجد مضادات فيروسات فعالة والعلاج الوحيد هو الرعاية التلطيفية.”
وأوضح براونشفايج، أن التحدي العلمي في تطوير مضادات الفيروسات واسعة النطاق يكمن في حقيقة مفادها “أنك ستحتاج إلى تحديد واستغلال هدف جزيئي يشارك في دورة حياة الفيروس ويتشارك فيه فيروسات مختلفة على نطاق واسع”.
بالنسبة للبكتيريا، لا توجد مشكلة، أما بالنسبة للفيروسات، فهي تتحور بسرعة كبيرة، لدرجة أن البروتينات ذات الوظيفة المتشابهة غالبًا ما تختلف اختلافًا كبيرًا في بنيتها، حتى داخل عائلات الفيروسات، لذا، فإن معظم مضادات الفيروسات تعالج فيروسًا واحدًا فقط أوعددًا قليلًا من الفيروسات داخل العائلة نفسها.
في الدراسة، استهدف الفريق ميزة مشتركة موجودة على سطح العديد من الفيروسات – الجليكانات الموجودة على الغلاف الفيروسي، كانت الفرضية أنه من خلال ربط الجليكانات بأسطح الأغلفة الفيروسية، يُمكننا منع الفيروسات من إصابة الخلايا، وبالتالي إيقاف تطور الأمراض الفيروسية، تُعدّ هذه الفرضية رائدةً نظرًا لتداعياتها على إحدى أكبر المشكلات التي لم تُحلّ في مجال الصحة العامة، ألا وهي الحاجة الماسة إلى مضادات فيروسية واسعة الطيف، كما أوضح براونشفايج.
فحص الباحثون 57 مستقبلًا للكربوهيدرات الاصطناعية (SCRs)، وهي جزيئات صغيرة مصممة للارتباط بالجليكانات الفيروسية، وحددوا 4 مركبات رئيسية نجحت في منع العدوى من 7 فيروسات مختلفة من 5 عائلات منفصلة، بما في ذلك بعض أخطر مسببات الأمراض في العالم: إيبولا، ماربورج، نيباه، هيندرا، سارس-كوف-1، وسارس-كوف-2 (فيروسات كورونا).
في “اختبار حاسم”، استُخدم أحد مركبات مستقبلات الكربوهيدات الاصطناعية SCR الرئيسية لعلاج الفئران المصابة بفيروس كورونا SARS-CoV-2. نجا حوالي 90% من الفئران التي تلقت هذه المستقبلات، مقارنةً بعدم نجاة أيٍّ منها في المجموعة الضابطة.
قال براونشفايج: “اختبرنا فعالية اللقاح في الجسم الحي فقط، أي على الفئران، فيما يتعلق بفيروس كورونا SARS-CoV-2 أما بالنسبة للفيروسات الأخرى المذكورة، فقد اختبرنا فعاليته ضد الفيروسات الحية (باستثناء فيروس سارس-كوف-1.
وأكد تحليل آخر أن المركبات تعمل عن طريق الارتباط بالجليكانات الموجودة على الغلاف الفيروسي – وهي آلية عمل جديدة ذات تطبيقات محتملة ليس فقط للأمراض المعدية ولكن أيضًا للسرطان واضطرابات المناعة، وفقًا للفريق.
وأوضح براونشفايج قائلاً: “إذا نجحت هذه الأدوية المضادة للفيروسات واسعة النطاق في اجتياز التجارب السريرية، فيمكن استخدامها فورًا للتخفيف من العواقب الصحية، وبالتالي منع المصابين من التحول إلى مرضى، وهذا من شأنه أن يخفف بشكل كبير العبء على أنظمة الصحة العامة التي تتعرض لضغوط شديدة عندما يتحول عدد كبير من المصابين إلى مرضى”.
في الوقت الحالي، يتم توصيل الدواء المضاد للفيروسات عبر الأنف لأن الفريق ركز على فيروسات الجهاز التنفسي، لذا كان توصيله إلى الرئتين مهمًا، ستركز المرحلة التالية من البحث على تطوير المركبات الواعدة إلى التجارب السريرية، ويتوقع الباحثون بدء تجارب المرحلة الأولى عام 2028 بعد استكمال التطوير قبل السريري.